النّقد و الكتابة الإبداعيّة...بقلم الكاتب صالح هشام
صفحة 1 من اصل 1
النّقد و الكتابة الإبداعيّة...بقلم الكاتب صالح هشام
زاوية النقد :
النقد والكتابة الإبداعيية .
صالح هشام / المغرب
يختلف إحياء النصوص الإبداعية في السرد أو الشعر أو ما شابههما باختلاف القراءات النقدية والقراءات العادية وكل قراءة لها تأثيرها الفعال سواء كان على مستوى الإيجاب أو السلب ، وهذه النصوص تستمد الحياة من هذه القراءات المتنوعة ، كمايستمد جذع الشجرة قطرات الماء من أعماق الأرض ،بدون هذه القراءات يبقى النص مجموعة من الخربشات على أوراق بيضاء لا أهمية لها ، فالنقد هو عملية تشريح هذه النصوص ، لإبراز محاسنها ومساوئها واستنباط مواطن القوة والضعف فيها ، والناقد قاريء ، والقبض على القاريء مسألة صعبة جدا فهذا القاريء هو الذي يشكل شوكة في حلق المبدع ، يقول كارسيا ماركيز (القبض على أرنب أسهل من القبض على القاريء ) لهذا وحتى نعطي الحياة للنص الذي نكتبه يجب أن نقبض على القاريء ، سواء كان ناقدا متخصصا له أدواته الفنية للنقد أو كان قارئا عاديا ،لا بد وان نسرق منه ولو بعض الانطباعات البسيطة التي تساهم في إحياء النص ،ولكن لإنجاح عملية النقد هذه يجب على الكاتب أن يتبرأ من نصه فلا تعد تجمعه به صلة ، بل يجب أن يتحول هو نفسه إلى قاريء ، لأن الصلة الدائمة مع النص تخلق نوعا من الارتباط العاطفي . والعاطفة حتما ستفسد أي عملية نقدية ،لأن الأخذ والرد بين الكاتب والناقد تجعل الناقد يحجم عن تناول النصوص بالدراسة تلافيا لردود فعل الكاتب . وقد عشنا هذه الحالات في الكثير من الأحيان ، إذ كنا بصدد دراسة بعض النصوص فكانت ردود فعل الكاتب من أسباب التخلي بصفة نهائية عن إنجاز هذه المهمة .نصي عندما أنشره ،يجب أن تنقطع صلتي به ككاتبه ، إذا أردت أن أساهم في إحيائه والمقصود أن أجنبه عواطفي . اتركه فإنه سبقف على رجليه بفضل النقاد.
قد يقول قائل ما علاقة هذا بذاك .فأقول إذا أردتم إحياء نصوصكم فاستأمنوا عليها القراء والنقاد ولا تجادلوهم في قراءاتهم فماترونهم أنتم لايراه النقاد والقراء نظرا لكون النصوص الأدبية تختلف بنياتها ومعانيها باختلاف القراءات النقدية ، واختلاف القراءات متوقف كذلك على اختلاف الخلفيات الثقافية والاجتماعية والايديولوجية والسياسية لكل ناقد على حدة وما الكاتب إلا جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة ككل ،ولكن يشترط في الناقد الدربة والمران والتمرس حتى يعرف من أين يأكل كتف النص الذي يريد تشريحه ،ولا أطلب منه الموضوعية باعتبار النقد يضا لازال يفتقر إلى المعايير والمقاييس الموضوعية ،وما دام النص مبنيا على تعدد القراءات فلا يمكن أن تكون هناك موضوعية أو قدتكون موضوعية شخصية للناقد لكن لا يؤخذ بها .
على الناقد عندما يتعامل نقديا مع نص من النصوص الإبداعية ، أن لا يتطرق إلى صاحب النص ، لأنه أصبح نكرة بالنسبة له بمجرد نشره لنصه وتحوله إلى ملكية القاريء ، فالإشارة إلى كاتب النص سلبا أو إيجابا تتلف عملية النقد ، وإنما يستوجب علاج المرض من داخل المريض لا من خارجه ولا نبحث له عن أسباب ومسببات خارجية ،هذه العملية تجعل الناقد يتعامل مع النص بكل تجرد ، وبدون محاباة ، وكذلك سيعرف الكاتب حدود إبداعه شريطة أن تكون الثقة المتبادلة بين الناقد والكاتب سيدة الموقف ، والمفروض على الناقد أن يوفي النص ما يستحقه من القراءة الجيدة التي تسبر أغواره وتبرز خبايا قوته أوضعفه وتصحح ما يستوجب تصحيحه . ولعل أبرز ما يفسد العملية النقدية بصفة عامة هو لجوء الناقد إهمالا منه أو عندما تغلق أمامه أبواب التفاعل مع النص ،إصدار أحكام القيمة التي تضر النص وتتركه يراوح مكانه ولا يستفيد منه الكاتب من حيث أخطاؤه ، و لا القاريء كذلك لأن حكم القيمة، اعتبرها شخصيا مفسدة للنص ،فلا فرق في إصدار الحكم بين الناقد والمعلم في الفصل الذي يقوم عمل تلميذه بملاحظة لا تربو عن (عمل ضعيف ) دون أن يبرز له مواطن ضعفه فهل هذا التلميذ سييستفيد شيئا من هذه الملاحظة ، التي ستحبطه وتجعله يرمي القلم في وجه هذا المعلم .
فإصدار الحكم عشوائيا عرقلة للمسيرة الإبداعية للكاتب ، فعلى الناقد النصح السديد وإبراز العيوب والمحاسن وعلى المبدع الإنصات ، ولا باس من تدخلاته لكن مع احترام النقد الذي يوجه له ، وسأعطيك عزيزي القاريء بعض الأمثلة التي تجعل الناقد يحجم عن إبداء ملاحظاته في النصوص ،وحتى دراستها ولو كان عازما على ذلك . أذكر أني في يوم من الأيام وأنا أتفحص منشورات بعض المنابر الخاصة بالقصة القصيرة ، أثار انتباهي نص منشور على أساس أنه قصة قصيرة ، فقرأت النص وتمعنته جيدا فحرت في أمره ، طلبت من كاتب النص في تعليق بسيط تحديد نوعية نصه وإصلاح وتصحيح الأخطاء النحوية واللغوية ، التي كانت تشوه النص ، فماكان من صاحب هذا النص إلا أن مسح التعليق ووضع مكانه عبارة الأديب التافه السخيف الذي لا يستحق ان يلتفت الى سخافاته أصلا ( كنس التعليق ) فهل في نظركم أعزائي القراء أن هذا السلوك سيساهم في الارتقاء بالإبداع وسيشجع على النقد ،لهذا على الكاتب التجرد من كل عاطفة اتجاه نصه وعلى الناقد أن يتحلى بالحكمة و سعة النظر والذكاء في التعامل مع النصوص كما أنه عليه أن يكون واثقا من أدواته النقدية ، ملما باختلاف الكتابات الإبداعية ، متجاوزا النقد النمطي ، وأن يكون عميق الإلمام بمقومات الكتابة الإبداعية في جنس أدبي معين (النثر/الشعر) يجعل الناقد يتجاوز الكثير من الأخطاء التي يمكن أن يسقط فيها وبالتالي يفقد فيه الكاتب الثقة ، ولا أقول هنا بأن الناقد يجب أن يكون منزها عن الخطأ ، فالعملية النقدية برمتها لا تنجو من الأخطاء ، لكن إذا كانت الثقة متبادلة بين الناقد والكاتب، سيجدان لبعضهما العذر ،وتستمر العملية النقدية والإبداعية في أجواء يسودها التسامح والعدو وراء أرقى الأهداف ،والتي يطمح لها الكل وهي الارتقاء بالأدب وبمستوى الأدباء ، فالإبداع مرتبط بالنقد والنقد بمتابة الزيت الذي يحافظ على شعلة القنديل وأذا نضب الزيت خبت الحياة في الفتيل وانطفأت ، فالإبداع والنقد توأمان سياميان الفصل بينهما يودي بحياتهما معا أو يقتل أحدهما . فهما يستمدان حياتهما من بعضهما البعض على مر الأزمنة والعصور .
صالح هشام ~الرباط
النقد والكتابة الإبداعيية .
صالح هشام / المغرب
يختلف إحياء النصوص الإبداعية في السرد أو الشعر أو ما شابههما باختلاف القراءات النقدية والقراءات العادية وكل قراءة لها تأثيرها الفعال سواء كان على مستوى الإيجاب أو السلب ، وهذه النصوص تستمد الحياة من هذه القراءات المتنوعة ، كمايستمد جذع الشجرة قطرات الماء من أعماق الأرض ،بدون هذه القراءات يبقى النص مجموعة من الخربشات على أوراق بيضاء لا أهمية لها ، فالنقد هو عملية تشريح هذه النصوص ، لإبراز محاسنها ومساوئها واستنباط مواطن القوة والضعف فيها ، والناقد قاريء ، والقبض على القاريء مسألة صعبة جدا فهذا القاريء هو الذي يشكل شوكة في حلق المبدع ، يقول كارسيا ماركيز (القبض على أرنب أسهل من القبض على القاريء ) لهذا وحتى نعطي الحياة للنص الذي نكتبه يجب أن نقبض على القاريء ، سواء كان ناقدا متخصصا له أدواته الفنية للنقد أو كان قارئا عاديا ،لا بد وان نسرق منه ولو بعض الانطباعات البسيطة التي تساهم في إحياء النص ،ولكن لإنجاح عملية النقد هذه يجب على الكاتب أن يتبرأ من نصه فلا تعد تجمعه به صلة ، بل يجب أن يتحول هو نفسه إلى قاريء ، لأن الصلة الدائمة مع النص تخلق نوعا من الارتباط العاطفي . والعاطفة حتما ستفسد أي عملية نقدية ،لأن الأخذ والرد بين الكاتب والناقد تجعل الناقد يحجم عن تناول النصوص بالدراسة تلافيا لردود فعل الكاتب . وقد عشنا هذه الحالات في الكثير من الأحيان ، إذ كنا بصدد دراسة بعض النصوص فكانت ردود فعل الكاتب من أسباب التخلي بصفة نهائية عن إنجاز هذه المهمة .نصي عندما أنشره ،يجب أن تنقطع صلتي به ككاتبه ، إذا أردت أن أساهم في إحيائه والمقصود أن أجنبه عواطفي . اتركه فإنه سبقف على رجليه بفضل النقاد.
قد يقول قائل ما علاقة هذا بذاك .فأقول إذا أردتم إحياء نصوصكم فاستأمنوا عليها القراء والنقاد ولا تجادلوهم في قراءاتهم فماترونهم أنتم لايراه النقاد والقراء نظرا لكون النصوص الأدبية تختلف بنياتها ومعانيها باختلاف القراءات النقدية ، واختلاف القراءات متوقف كذلك على اختلاف الخلفيات الثقافية والاجتماعية والايديولوجية والسياسية لكل ناقد على حدة وما الكاتب إلا جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة ككل ،ولكن يشترط في الناقد الدربة والمران والتمرس حتى يعرف من أين يأكل كتف النص الذي يريد تشريحه ،ولا أطلب منه الموضوعية باعتبار النقد يضا لازال يفتقر إلى المعايير والمقاييس الموضوعية ،وما دام النص مبنيا على تعدد القراءات فلا يمكن أن تكون هناك موضوعية أو قدتكون موضوعية شخصية للناقد لكن لا يؤخذ بها .
على الناقد عندما يتعامل نقديا مع نص من النصوص الإبداعية ، أن لا يتطرق إلى صاحب النص ، لأنه أصبح نكرة بالنسبة له بمجرد نشره لنصه وتحوله إلى ملكية القاريء ، فالإشارة إلى كاتب النص سلبا أو إيجابا تتلف عملية النقد ، وإنما يستوجب علاج المرض من داخل المريض لا من خارجه ولا نبحث له عن أسباب ومسببات خارجية ،هذه العملية تجعل الناقد يتعامل مع النص بكل تجرد ، وبدون محاباة ، وكذلك سيعرف الكاتب حدود إبداعه شريطة أن تكون الثقة المتبادلة بين الناقد والكاتب سيدة الموقف ، والمفروض على الناقد أن يوفي النص ما يستحقه من القراءة الجيدة التي تسبر أغواره وتبرز خبايا قوته أوضعفه وتصحح ما يستوجب تصحيحه . ولعل أبرز ما يفسد العملية النقدية بصفة عامة هو لجوء الناقد إهمالا منه أو عندما تغلق أمامه أبواب التفاعل مع النص ،إصدار أحكام القيمة التي تضر النص وتتركه يراوح مكانه ولا يستفيد منه الكاتب من حيث أخطاؤه ، و لا القاريء كذلك لأن حكم القيمة، اعتبرها شخصيا مفسدة للنص ،فلا فرق في إصدار الحكم بين الناقد والمعلم في الفصل الذي يقوم عمل تلميذه بملاحظة لا تربو عن (عمل ضعيف ) دون أن يبرز له مواطن ضعفه فهل هذا التلميذ سييستفيد شيئا من هذه الملاحظة ، التي ستحبطه وتجعله يرمي القلم في وجه هذا المعلم .
فإصدار الحكم عشوائيا عرقلة للمسيرة الإبداعية للكاتب ، فعلى الناقد النصح السديد وإبراز العيوب والمحاسن وعلى المبدع الإنصات ، ولا باس من تدخلاته لكن مع احترام النقد الذي يوجه له ، وسأعطيك عزيزي القاريء بعض الأمثلة التي تجعل الناقد يحجم عن إبداء ملاحظاته في النصوص ،وحتى دراستها ولو كان عازما على ذلك . أذكر أني في يوم من الأيام وأنا أتفحص منشورات بعض المنابر الخاصة بالقصة القصيرة ، أثار انتباهي نص منشور على أساس أنه قصة قصيرة ، فقرأت النص وتمعنته جيدا فحرت في أمره ، طلبت من كاتب النص في تعليق بسيط تحديد نوعية نصه وإصلاح وتصحيح الأخطاء النحوية واللغوية ، التي كانت تشوه النص ، فماكان من صاحب هذا النص إلا أن مسح التعليق ووضع مكانه عبارة الأديب التافه السخيف الذي لا يستحق ان يلتفت الى سخافاته أصلا ( كنس التعليق ) فهل في نظركم أعزائي القراء أن هذا السلوك سيساهم في الارتقاء بالإبداع وسيشجع على النقد ،لهذا على الكاتب التجرد من كل عاطفة اتجاه نصه وعلى الناقد أن يتحلى بالحكمة و سعة النظر والذكاء في التعامل مع النصوص كما أنه عليه أن يكون واثقا من أدواته النقدية ، ملما باختلاف الكتابات الإبداعية ، متجاوزا النقد النمطي ، وأن يكون عميق الإلمام بمقومات الكتابة الإبداعية في جنس أدبي معين (النثر/الشعر) يجعل الناقد يتجاوز الكثير من الأخطاء التي يمكن أن يسقط فيها وبالتالي يفقد فيه الكاتب الثقة ، ولا أقول هنا بأن الناقد يجب أن يكون منزها عن الخطأ ، فالعملية النقدية برمتها لا تنجو من الأخطاء ، لكن إذا كانت الثقة متبادلة بين الناقد والكاتب، سيجدان لبعضهما العذر ،وتستمر العملية النقدية والإبداعية في أجواء يسودها التسامح والعدو وراء أرقى الأهداف ،والتي يطمح لها الكل وهي الارتقاء بالأدب وبمستوى الأدباء ، فالإبداع مرتبط بالنقد والنقد بمتابة الزيت الذي يحافظ على شعلة القنديل وأذا نضب الزيت خبت الحياة في الفتيل وانطفأت ، فالإبداع والنقد توأمان سياميان الفصل بينهما يودي بحياتهما معا أو يقتل أحدهما . فهما يستمدان حياتهما من بعضهما البعض على مر الأزمنة والعصور .
صالح هشام ~الرباط
زائر- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى